منهج البيروني
العلمي في التأليف:
لقد حرص
البيروني على أن يترسم في تأليفه أصولاً
و قواعد أوردها في مقدّمة «الآثارِ
الباقية» ،
و يمكن بدراستنا لهذه الأصول تحديد منهجه
في البحث العلمي بالأركان الآتية:
(1) ضرورة أن
يترفع العالم ، في بحثهِ ، عن الغرور و
الإدعاء كي ينظر إلى آثار الأمم السالفة
بعين التقدير و يفيد من آراء المتقدّمين
الصائبة. و
تعليل عدم إهمال المتقدّم من مكتشفات
العلم أنه يستحيل على الباحث الفرد أن
يحيط بكل أسرارهِ ، ذاك أن أي باب من أبواب
العلوم لا تستنبط حقائفه إلا بجهود
الدارسين المتلاحقة ، خلال حقب من الزمن.
فالعالم
الحق هو الذي ينظر في آراء السابقين من
العلماء لينطلق منها إلى آفاق جديدة.
(2) على أن
الإهتمام بالآثار السالفة يحتّم ضرورة
النظر و التمحيص لأن الركون الأعمى إلى
هذه الآثار قبل عرضها على مقاييس المنطق
و الأصول التي ينادي بها العقل يحول دون
تقدم العلم و تطوره. و
من الأسس المنطقية العقلية الواجب إعتمادها
لتقييم آراء الباحثين السالفة ، إخضاع
هذهِ الآراء للإختبار و التأمل إستبعاداً
لما فيها من الفساد و الخطل لإستبقاء
الصحيح و الصائب.
(3) السعي
الدائب إلى الحقيقة في منأى عن كل الأهواءِ
و الرغبات و بواعث الإعجاب بالنفس أو
التعصب للرأي ، و محور ذلك كلّه التحلّي
بالتواضع و إيثار النزاهة ، و التحقق من
حجة المقاييس العقلية المعتمدة و حسن
تطبيقها في المجالات الواقعية و المحسوسات
المادّية.
No comments :
Post a Comment